السبت، 13 يونيو 2020

الشيخ أحمد بن سعد بن مفرح (أبو مدهمر)

 الشيخ أحمد بن سعد بن مفرح (أبو مدهمر)

شيخ بني مغيد وبني نمار من عسير

(1336هـ ـ 1409هـ)

 
هو الشيخ أحمد بن سعد بن أحمد بن محمد بن مفرح من آل يزيد من بني مغيد من قبيلة عسير، شيخ شمل قبائل بني مغيد وبني نمار من عسير في المملكة العربية السعودية من (1356هـ حتى 1409هـ)، والملقب بـ(أبو مدهمر)، ويعود اليزيديون حكام عسير الأولين قبل مجيئ الدولة السعودية الأولى، إلى الأمير محمد بن أحمد بن محمد اليزيدي (مدهمر)، والذي حكم عسير من سنة 1170هـ حتى مقتله سنة 1215هـ، وله قصر يُعرف بـ(قصر ناجح) في قرية السّقا بعسير، وهو ملك لأسرة آل مفرح حالياً. 

مولده ونشأته
ولد سنة 1336هـ في قرية آل بالفلاح بالشُرف جنوب مدينة أبها بمنطقة عسير، وعاش بين والده وعمه الشيخ عبدالله بن أحمد آل مفرح أحد كبار عسير، وقد تسلّم مشيخة القبيلة سنة 1356هـ في سن مبكرة، تزامنت مع الإعلان عن توحيد المملكة العربية السعودية، حيث تولى خلفاً لعمه المذكور، الذي توفى في مطلع شهر رجب سنة 1356هـ.

صفاته ومواقفه وعلاقاته
عرف عنه رحمه الله الجمع بين الحزم والدهاء والحكمة، وكان على علاقة وطيدة مع ولاة الأمر، ومع مشائخ القبائل في منطقة عسير، وعلى مسافة واحدة من كل الناس، وهذا مما جعله من الشخصيات المحبوبة رحمه الله، وقد عمل خلال الخمس السنوات الأولى بعد تسلّم مشيخة القبيلة على تكريس مفاهيم الولاء والطاعة لله ثم المليك، وبنى جسور متينة مع المؤسس الملك عبدالعزيز وأبنائه من بعده، وكان أهم أركان ترسيخ الولاء ثم البناء في المنطقة، واستخدم كل الوسائل الكفيلة لتحقيق ذلك، وقد كوّن علاقة مع قبائل المنطقة على اتساع رقعتها، فكانوا يلجئون إليه لحل تلك المشكلات التي تعرض عليهم، أو المشاركة في حلها، ولم يكن يتوانى رحمه الله عن تطبيق الأنظمة والأوامر، إما من خلال ما يمتلكه من أدوات، أو بإحالة العاصين إلى الإمارة، "ومعروف عنه أنه ميزان حق وحازم، وإذا تبين الحق له يضع الشخص في السجن، وكان الحديد عنده يربط أي من الأخصام حتى يعطي الحق، وكان إذا سجن السجين عند المسؤول أتى واستئذن وأخذه وسجنه عنده وأدبه" شهادة أحد من عاصروه.

أبرز مواقفه والأحداث التي مر بها
  • حرب القهر الأولى والثانية وأحداث عسير
في سنة 1361هـ قامت مجموعة بإظهار نوع من عصيان أوامر منصوب الحكومة، فكانت له مواقف محمودة، وهي الحادثة التي تعرف بحرب القهر الأولى، حيث شارك بشجاعة في قيادة شوكة عسير في هذه الحرب، مع أمير المنطقة المعين ومشائخ القبائل الآخرين، وكذلك حرب القهر الثانية سنة 1375هـ، مما جعل قبائله تطلق عليه لقب (أبو مدهمر)، والذي يعني الشجاع المقدام، ومثلها أحداث سنة 1374هـ و سنة 1375هـ، حيث ظهرت مجموعة أفراد تحاول إشعال الفتنة، وقد كان لحكمة الشيخ أحمد بن مفرح، والشيخ عائض بن حامد شيخ علكم، دور رئيس لتهدئة الوضع، وحل المشكلة دون مواجهة أو استخدام القوة.
  • بداية القضية الفلسطينية
عند بداية القضية الفلسطينية واحتلال اليهود لفلسطين، قام بالكتابة على الفور للملك عبدالعزيز، مبدياً خلالها مشاعره ومشاعر أبناء عسير، بل وإستعدادهم لبذل الغالي والنفيس دفاعاً عن مقدسات المسلمين، وقد أجابه الملك عبدالعزيز على هذا الخطاب، وشكره على شعوره الطيب.
  • استقلال الكويت
كما أنه كتب إلى الملك سعود مهنئاً بإستقلال دولة الكويت الشقيقة، لما يعلمه من عمق العلاقة الأخوية بين الدولتين، وبين الأسرتين الحاكمتين، فكان جواب الملك سعود بأن شكره على مبادرته.
  • الغارات الجوية المصرية على أبها
وفي سنة 1382هـ قامت الطائرات المصرية بشن هجوم على مدينة أبها، وضرب بعض المواقع المدنية، ومنها مستشفى أبها العام، وقد هب الجميع للدفاع عن مدينتهم، فبدأوا بإجلاء السكان إلى القرى المحيطة بأبها، خوفاً عليهم من استمرار القصف، وحضر رجال القبائل مع أمرائهم، ووضعوا أنفسهم تحت أمرة أمير المنطقة آنذاك، الأمير تركي بن ماضي، وكان أول المدافعين عن أبها الشيخ أحمد بن مفرح وإخوانه وأفراد أسرته وقبائله، وقد شكره أمير المنطقة على وقفته الشجاعة والصادقة.

زيارات الملوك واستقبالاته لهم
كان الشيخ أحمد بن مفرح مقدم في قومه ومنطقته، وهو من يتحدث عند مقابلة الملك سعود عند الذهاب إلى الرياض، ويطلب منه زيارة المنطقة، فلبى الملك سعود الدعوة، وكان كل ملك يأتي إلى المنطقة يزوره في بيته تقديراً له، كما أنه أي ضيوف يأتون إلى المنطقة يستضيفهم أمير المنطقة، وبعض من هؤلاء الضيوف أمراء من الأسرة المالكة، فكان ثاني من يستضيفهم هو الشيخ أحمد بن مفرح.
  • زيارة الملك سعود
كان الملك سعود رحمه الله يزور منطقة عسير أكثر من مرة، عندما كان ولياً للعهد، وعندما أصبح ملكاً وفي زيارته الأخيرة سنة 1379هـ، زار الشيخ أحمد بن مفرح وتناول القهوة في داره، وكعادته فقد نقل لضيفه الكبير احتياجات المنطقة من الخدمات الأساسية والبنى التحتية، وبخاصة ما يتعلق بفتح المدارس وشق الطرق، وغيرها من الأمور الضرورية للمواطن، وعند الاجتماع لقبائل عسير لاستقبال الملك سعود، كان (البيرق) بيده ـ أي الشيخ أحمد ـ ومعه قبائله بني مغيد، وكانوا يجتمعون في موقع يسمى "البحّار" موقع الحفلات بمدينة أبها.
  • زيارة الملك فيصل
عندما زار الملك فيصل رحمه الله المنطقة سنة 1391هـ، وقف الشيخ أحمد بن مفرح وأهالي عسير إلى جوار الملك على شفا أحد الجبال المطلة على تهامة، وشرح له معاناة الناس من الوصول إلى تلك المناطق، أو العودة منها إلى السراة، لوعورة الجبال وضعف الطرق الموجودة، والتي فتحها المواطنون بأيديهم وبامكانياتهم المتواضعة، وكعادة الفيصل في مثل هذه المواقف، فقد أمر بفتح الطريق لخدمة الناس، وقد سار الشيخ أحمد بن مفرح بالملك فيصل ودله على المكان الذي تمشي الناس معه إلى تهامة.
  • زيارة الملك خالد
في سنة 1399هـ زار الملك خالد رحمه الله عسير، وكانت تربط الشيخ أحمد بن مفرح بالملك خالد منذ سنوات طويلة علاقة خاصة ومميزة، فلم يكن يمر عام إلا ويقوم الشيخ بزيارة الملك في الرياض أو الطائف، وكان يجد من الملك كل الاهتمام والتقدير، لذلك كانت الاستعدادات مضاعفة من جميع القبائل الذين حضروا بالآلاف، وهم في كامل زينتهم، وعند دخول القبائل إلى ساحة العرض، كان الشيخ أحمد أول من دخل الساحة حاملاً سيفه، مؤكداً للملك وضيوفه على ولاءه لمليكه ووطنهم.

مكانته عند ولاة الأمر
للشيخ أحمد بن مفرح قيمة كبيرة ومكانة رفيعه عند ولاة الأمر، فكان هناك اجتماع لوزراء الدفاع الخليجيين في مدينة أبها، والذي دعاهم الأمير سلطان رحمه الله، وعمل لهم الملك خالد حينها حفل في قصر الضيافة في الخالدية بأبها، وعند الحضور للسلام، صافح الشيخ أحمد بن مفرح الأمير سلطان، ومشى مكملاً سلامه للبقية، ثم ألتفت الأمير سلطان على يمينه متحدثاً مع ضيفه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وكان الشيخ أحمد قد ابتعد قليلاً، وتكلم الأمير سلطان للشيخ ابن مكتوم عن الشيخ أحمد، ووصفه بصفات فيها من الرجولة وفيها من التقدير وفيها من الولاء للدولة والوطن، وعبارات المدح والثناء التي تجعل الإنسان يبتهج اعتزازاً بما قاله في ابن من أبناء منطقة عسير.

اهتمامه بشؤون ومصالح المنطقة
كان رحمه الله قد خصص جزءاً مهماً من وقته وجهده، وبخاصة لأفراد قبيلته الذين يسكنون سهول تهامة، إذ أنهم كانوا يقطنون أودية وقرى يصعب الوصول إليها، فقد تأخر دخول التعليم إلى قراهم وأماكن سكنهم، كما هو الحال بالنسبة للخدمات الأخرى، فسعى بجهد كبير حتى وصلت لجان متعددة من عدد من الوزارات، للنظر في أحوالهم وتلبية شيء من احتياجاتهم، ومثلها قيامه بمراجعات ومطالبات لصالح المنطقة، مثل المدارس والمستشفيات والحاجة التي تمس المواطن.

وفاته
توفى رحمه الله سنة 1409هـ عن عمر ناهز (73) عاماً، قضى منها (53) عاماً في مشيخة قبيلته، فكان من خيرة الرجال في منطقة عسير رحمه الله، وعلم من أعلامها، وركن يرتكز عليه في المهمات والملمات، وهو فقيده على الجميع وليس على قبيلته فحسب، وقد أديت الصلاة عليه في الحرم المكي، وشيّع جنازته كثير من محبيه، ودفن في مقبرة المعلاة بمكة المكرمة، وقد خلفه في المشيخة أخوه الشيخ علي بن سعد بن مفرح.

من آثاره
ومن الآثار التي خلّفها قصره الشهير في قرية النُصب وسط مدينة أبها، والذي أصبح أحد المعالم الثقافية في المنطقة، لاستضافته زوار المنطقة من الأمراء والوزراء، وأصبحت تقام في القصر ثلوثية ثقافية، وهو يعنى باهتمام ورعاية هيئة السياحة والآثار.

صدور فلم وثائقي عنه
صدر عنه فلم وثائقي منشور في (اليوتيوب) تحت اسم "أبو مدهمر"، يتحدث عن سيرته كأحد رجالات الوحدة السعودية، والشخصية الأبرز في عسير خلال الخمسين سنة التي تلت توحيد المملكة، عبر سنوات مشرقة من العطاء، لدوره ودور أسرته التاريخي مع الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه، ومن بعده من الملوك، ودوره في البناء والتنمية، وردع الفتن، وحل الخصومات والاصلاح.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصادر
- لقاء صحفي منشور بصحيفة عكاظ سنة 1388هـ.
 
 
 
 
 
 
x

الشيخ أحمد بن سعد بن مفرح (أبو مدهمر)

  الشيخ أحمد بن سعد بن مفرح (أبو مدهمر) شيخ بني مغيد وبني نمار من عسير (1336هـ ـ 1409هـ)   هو الشيخ أحمد بن سعد بن أحمد بن محمد بن مفرح ...